هل يصعُب على طفلِك أن يبقى هادِئاً؟ وهل يتصرّف قبل أن يُفكِّرأولاً؟ وهل يبدأ بأمر ما ثم يتركه ولا يُنهيه؟
إذا كان الأمر هكذا، فقد يكون الطفلُ مُصاباً باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. وهو اضطرابٌ يُرمز إليه بالأحرف ADHA. يكاد كلُّ طفل يُعاني من بعض هذه التصرفات في وقت من الأوقات، لكن على نحوٍ عابِر. أمَّا نَقصُ الانتباه مع فَرط النَّشَاط فيستَمِرُّ أكثرَ من ستَّة أشهر، وتنجم عنه مشكلاتٌ في المدرسة والبيت والحياة الاجتماعية أيضاً. إنَّ اضطرابَ نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط أكثر شيوعاً عندَ الصبيان. تختلف نسبة الإصابة بهذا الإضطراب من بلد لآخروهو يُصيب من ثلاثة إلى خمسة بالمائة من الأطفال. وتكون الخصائصُ الرئيسية لهذا الاضطراب كما يلي: • عدم الانتباه. • فَرط النَّشاط. • شِدَّة الاندفاع. لا يعرف أحدٌ على وجه الدقَّة ما الذي يُسبِّب اضطرابَ نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. ولكنَّه يَسري في العائلات، ممَّا يُوحي بأنَّ الأسبابَ الوِراثية يمكن أن تكونَ من عوامل الإصابة به. ويُعدُّ إجراء تقييم شامل من قِبَل شخص متخصِّص الطريقةَ الوحيدة للتأكُّد من إصابة الطفل بهذا الاضطراب. تشتمل المعالجةُ غالباً على استخدام الأدوية للسيطرة على الأعراض. كما أن النظام في البيت والمدرسة أمر مهم أيضاً. ومن الممكن أن تكونَ المعالجة السُّلوكية للطفل والدورات التدريبيَّة للوالِدين مفيدة أيضاً.
مقدِّمة
يُعدُّ اضطرابُ نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط من الاضطرابات الشائعة عند الأطفال. وهو يجعل التركيزَ والانتباه أمراً صعباً على الطفل. وقد يَتَّسِم بعضُ الأطفال المصابين بهذا الاضطراب بالإندفاع او بانعِدام الصَّبر أيضاً. وهذا الإضطراب يسيء إلى أداء الطفل في المدرسة، كما أنه يجعل من الصعب على الطفل أن يحسن السلوك في البيت. من الممكن أن يُصابَ الأطفال والمراهقون باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط مهما تكن خلفياتُهم الاجتماعية والعِرقيَّة. ومن المُقدَّر أنَّ ثلاثةً إلى خمسة بالمائة من الأطفال يُصابون بهذا الاضطراب. من الممكن أيضا أن يُصابَ البالغون بهذا الاضطراب ً. وقد يُؤثِّر في عملهم وعلاقاتهم وعائلاتهم ً. مع توفُّر المعالجةِ الملائِمة، يستطيع الأشخاصُ المُصابون باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط أن يتعَلَّموا كيف يتعاملون مع أعراضِه. تحُدُّ الأدويةُ والمعالجة السُّلوكية من الآثار السلبيَّة التي يُمكن أن تتركَها أعراضُ هذا الاضطراب على نجاح المرضى في حياتهم العمليَّة. يوضِّح هذا البرنامجُ التثقيفي طبيعةَ اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. وهو يُركِّز على الأطفال المصابين بهذا الاضطراب. كما يتناول الأعراضَ والأسباب وخيارات المعالجة المتوفِّرة لاضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط.
اضطرابُ نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط
من المُمكن أن يمرَّ كلُّ إنسان بفترة يشعر خلالها بعدم القدرة على التركيز، أو بأنَّ نشاطه قد صار مُفرِطاً. وهذا صحيح بالنسبة للأطفال والمراهقين خاصةً. ومن الطبيعي أن يُصبحَ الشخص القلِق أو المتحمس مُفرِطَ النشاط. لكن من غير الطبيعي أن يستمرَّ فَرطُ النشاط أو ضعف القدرة على التركيز. وإذا وجد الطفلُ صعوبةً في الانتباه أو أصبح نشاطه مُفرِطاً لفترة طويلة وفي أماكن مختلفة، فمن الممكن أن يكون مُصاباً باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. لا يُعاني كلُّ مُصاب باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط من الأمرين معاً، أي من نقص الانتباه ومن فَرط النشاط. إنَّ المصابين باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط يتأثَّرون بهذا الاضطراب على نحو مختلف باختلاف الأشخاص كما قد تختلف لديهم الأعراض. ويكون بعضُهم مُفرِطَ النشاط بصورة خاصَّة، بينما تتركَّز مشكلة البعض الآخر في قلة الانتباه وضَعف التركيز. وتوجد فئةٌ ثالثة تُعاني من الأمرين معاً. وتضمُّ الفئةُ الأخيرة مُعظَمَ المُصابين بهذا الاضطراب. يكاد كلُّ الناس يُظهِرون بعضاً من هذه السلوكيات في وقت من الأوقات. لكنَّ المُصابَ باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط تدوم عندَه هذه السلوكياتُ أكثر من ستة أشهر، وتُسبِّب له مشكلات في المدرسة والبيت ومع أصدقائه. من الممكن أحياناً أن يُشارَ إلى اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط بالرَّمز (ADD) بدلاً من (ADHA)، عِلماً بأنَّ (ADHA) هو الرمز الأحدث. لكنَّ الرمزين يُشيران إلى الاضطراب نفسه. من الممكن أن يمرَّ المراهقون المُصابون باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط بأوقات عَصيبة، فقد تكون الدِّراسة صِراعاً صعباً عليهم. كما أنَّهم يُخاطِرون كثيراً ويخرقون قواعد كثيرة. لكنَّهم، على غِرار الأطفال المُصابين بهذا الاضطراب، يُمكن أن يتحسَّنوا بفِعل المعالجة. يظهر تحَسُّنٌ كبير جداً على كثير من الأطفال والمراهقين من حيث الأداءُ المدرسي ومن حيث نظرتُهم إلى أنفسهم ومهاراتهم الشخصية في التعامل مع الآخرين، وذلك بعدَ تناول الأدوية الخاصَّة باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط وبعدَ الخُضوع للمعالجَة السُلوكيَّة.
اضطرابُ نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط لدى البالغين
من غير الممكن أن يظهرَ اضطرابُ نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط على نحوٍ مفاجئ عندَ البالغين، حيث لابدَّ أن يكونَ قد ظهر عند الشَّخص المَعني عندما كان صغيراً. وحتَّى إذا لم يتم التأكد من ذلك، فلابدَّ من أنَّ الحالةَ لم تُشَخَّص آنذاك. يستمرُّ اضطرابُ نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط عندما يكبُر الطفل عادةً. وهو لا يزول مع التقدُّم في السن. لكنَّ المريض يتعلَّم كيفية التعامل مع حالته بشكل أفضل. كما هي الحالُ بالنسبة لاضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط عند الأطفال والمراهقين، يمكن لهذا الاضطراب أن يطرحَ تحدِّياتٍ كبيرةً في حياة البالغين أيضاً. إنَّه يجعل الإحساسَ بالنظام صعباً عندَ الكبير، ويجعل التزامَه بالعمل والوصول إلى مكان العمل في الوقت الصحيح أمراً صعباً. وقد تضطرب علاقاتُ المريض أيضاً. كما أنَّ اضطرابَ نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط يُمكن أن يجعلَ الشخص البالغ يشعر بعدم الاستقرار. من الممكن تشخيصُ ومعالجة اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط عند البالغين. وقد تكون معرفةُ حقيقةِ الإصابة مصدرَ ارتياح عند بعض المرضى البالغين. إنَّ القدرةَ على إقامة الصلة بين الإصابة بهذا الاضطراب وبين مشكلات قديمة تساعد الشخصَ البالغ على فهم أنَّ المرض يمكن أن يتحسَّن. إذا كنت بالغاً وظننت أنَّك تُعاني من أعراض اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط، فعليك أن تستشيرَ الطبيب.
الأعراض
يبدو القسمُ الأكبر من أعراض اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط مثلَ أيِّ سلوك عادي إذا كانت الأعراضُ لا تظهر إلا على نحو مُتقطِّع، أو إذا إستمرت زمناً قصيراً. أما في حالة الإصابة بهذا الإضطراب فإن هذه الأعراض تكون شديدة ، وتستمر زمناً طويلاً بصرف النظر عن تغيُّر الظرف المُحيط بالمريض. وهي تُسيء إلى أداء الطفل في المدرسة وإلى علاقاته مع أهله وأصدقائه. يُمكن تصنيفُ أعراض اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط ضمن ثلاثة أنواع: عدم الانتباه، وفَرط النَّشاط، والاندفاع الزائد. وغالباً ما يبدأ تأثيرُ هذه الأعراض في الطفل في السنوات الخمس أو الست الأولى من عمره. إنَّ أعراضَ عدم الانتباه (أو نقص الانتباه) هي السِّمة الأكثر شيوعاً لدى الأطفال المُصابين باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. يكون الطفلُ غير قادر على مواصلة تركيز انتباهه على أيَّة مَهمَّة. وقد يظهر عليه ما يلي:
يتشَتَّت انتباهُه بسهولة.
يعاني مصاعِب في اتِّباع التوجيهات.
لا يستطيع الإصغاءَ بانتباه.
يتجنَّب كلَّ ما يتطلَّب جُهداً عقلياً.
قد يُؤدِّي نقصُ الانتباه إلى جعل الطفل يرتكب أخطاء ناجِمة عن الإهمال، أو إلى جعله ينسى إنهاء ما يفعله، كأن يترك واجباته المدرسية أو المنزليَّة. وقد يحدث مع الطفل ما يلي:
ينسى أين وضع ألعابَه أو كُتبه أو حاجيَّاته المدرسية.
ينتقل سريعاً من نشاط إلى آخر من غير أن يُنهي شيئاً.
يعاني من صعوبة في الانتهاء من واجباته المدرسية.
ينسى أداءَ مهامه المنزليَّة.
العَرضُ الآخر من أعراض اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط هو فَرطُ النشاط. من الطبيعي أن يجري الطفلُ وأن يتسلَّق وأن تكونَ لديه طاقةٌ فائِضة إذا ما قورِن مع البالغين. لكنَّ فَرطَ النشاط عند الأطفال المُصابين بهذا الاضطراب يعني سلوكاً مُفرِط النشاط إلى حدٍّ زائد كثيراً. وقد يقوم الطفلُ مُفرِط النشاط بما يلي:
يجري هنا وهناك طوالَ الوقت.
يقفز عن الكرسي في أثناء الطعام أو في أثناء كتابة واجبه المدرسي.
يتململ ويتلوَّى ويهزُّ ساقيه أو قدميه كثيراً، وخاصَّة عندما يُطلَب منه الجلوس والهدوء في المدرسة.
يلمس أو يُمسك كلَّ ما يراه، ويعبث به.
الاندفاعُ الزَّائِد هو العرضُ الثالث لاضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. يُبدي الطفلُ سلوكاً شديدَ الاندفاع على نحو يوحي بأنَّ تصرُّفاته تأتي نتيجةَ رغبات مفاجئة، لا نتيجةَ تفكير هادِئ. وقد تظهر علاماتُ الاندفاع الزائد عندَ الطفل على النحو التالي:
يجد صعوبةً في انتظار دوره أو في الوقوف ضمن صف انتظار.
يُطلِق عبارات في غير مكانها.
يقاطع الآخرين على نحوٍ غير مهذَّب.
يتكلَّم من غير توقُّف.
يُجيب عن السؤال قبل أن يسمَعه إلى آخره.
يُلقي بنفسه في مغامرات متواصِلة يُمكن أن تؤذيه.
غالباً ما تجتمع الأعراضُ الثلاثة كلُّها عندَ الطفل المُصاب باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. فقد يكون نَقصَ الانتباه أكثر ظهوراً من فَرط النشاط عند طفل ما، في حين يمكن أن يكونَ فَرطُ النشاط أكثرَ ظهوراً من نقص الانتباه عندَ طفل آخر. من الممكن أن يقومَ الطفلُ المُصاب باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط بأشياء تجعل الآخرين يظنُّون أنَّه كسول أو غبي أو عديم الاهتمام بالآخرين. وهذا ما قد يُؤثِّر في نظرة الطفل إلى نفسه. من المهمِّ تَذكُّر أنَّ الطفلَ لا يقوم بهذه التصرُّفات على نحوٍ مقصود. يُعاني الطفلُ المُصاب باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط من صُعوبةِ السيطرة على سلوكه. ومن الممكن أن تكونَ الأدويةُ والمعالجة السُّلوكية مفيدةً في التعامل مع آثار هذا الاضطراب. إذا لم يُعالَج اضطرابُ نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط، فإنَّ أعراضَ عدم الانتباه والنَّشاط المُفرِط وشدَّة الاندفاع سوف تستمر. لكنَّ بعضَ المرضى ينجحون أكثر من غيرهم في السيطرة على هذه الأعراض. وهذا ما قد يُفسِّر أنَّ نحو ثُلُث الأطفال المصابين بهذا الاضطراب يُفلِحون في الظُّهور بمظهر من استطاعوا التغلُّب عليه والشِّفاء منه عندما يكبُرون.
الأسباب
لا يعرف الأطبَّاءُ على وجه اليقين سببَ اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. ومن المُرجَّح أنَّه ينجُم عن عدد من الأسباب. يظهر اضطرابُ نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط عندَ الفتيان أكثر ممَّا يظهر عند الفتيات. وهذا ما يحمل على الظنِّ بأنَّ نوعَ الجِنس يمارس دوراً في هذا الاضطراب. كون الشخص ذكراً من الممكن أن يكونإحدى عوامل الخطورة في هذه الحالة. من المعروف أنَّ الوِراثةَ سببٌ من أسباب اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط، حيث يكون احتمالُ إصابة الطفل بهذا الاضطراب أكبر إذا كان أحد والديه أو أقاربه المباشرين قد أُصيب به. لابدَّ من أبحاث إضافية للعثور على الأسباب الدقيقة لاضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. ومن الأسباب المُحتملة الأخرى:
التدخين وتناول الكُحول في أثناء الحَمل.
الرَّصاص الموجود في أنواع الطلاء القديمة وفي تمديدات المياه.
وجود إصابات خطيرة في الدِّماغ.
يظنُّ بعضُ الناس أنَّ اللقاح أو الإكثار من السُّكر يمكن أن يُسبِّبا اضطرابَ نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. لكنَّ أكثرَ الأبحاث لا تؤيِّد هذه الفكرة. كما أنَّ سوء التربية ليس من بين أسبابه أيضاً.
التشخيص
قد يطول الأمرُ شهوراً حتَّى يتمكَّن الطبيبُ أو المختص من تشخيص إصابة الطفل باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط، لأنَّ من الطبيعي أن يكون الطفلُ قليلَ الانتباه أو مفرِط النشاط في بعض الأوقات. ولذلك، حتَّى يشكَّ الطبيبُ في وجود الإصابة بهذا الاضراب، يجب أن يكون سلوك الطفل أكثرَ شِدَّة من سلوك الأطفال الآخرين في مثل سنِّه. هناك مَعاييرُ كثيرةٌ يتحرَّى الطبيبُ عنها قبل تشخيص الإصابة باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. ومنها:
مدى شِدَّة سلوكيات الطفل.
مُدَّة ظهورها.
أين تحدث.
آثارها.
يتحدَّثُ الأطبَّاءُ مع والدي الطفل ومعلِّميه في المدرسة حتى يعرفوا الأعراضَ التي تظهر عليه، هل هي قلة الانتباه أم فرط النشاط أم الاندفاع الزائد. ويأخذ الأطبَّاءُ عمر الطفل بنظر الإعتبار عند دراسة الأعراض؛ فمثلاً، من الطبيعي أن يجد الطفل الذي لم يتجاوز سنتين من العُمر صعوبةً كبيرة في الجلوس والانتباه إلى التعليمات. إذا ظهر السلوكُ غير الاعتيادي بعدَ مرور الطفل بحالة من الشِّدَّة، وذلك من قبيل طلاق الوالدين أو الانتقال إلى مسكن جديد، فهو لا يعدُّ من أعراض اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. وهو لا يُؤخَذ بعين الاعتبار أيضاً إذا كان يظهر على نحوٍ مُتقَطِّع. يجب أن تظهرَ على الطفل علاماتُ اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط على نحوٍ متكرر وخلال فترة طويلة من الزمن. يجب أن تظهرَ السلوكيَّاتُ التي تُميِّز اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط في حالات متعدِّدة حتى يصحُّ الشكُّ في إصابة الطفل بهذا الاضطراب. إذا كان الطفلُ لا يُصغي لتعليمات أحد أبويه رغم أنَّه ينتبه للمعلِّمين في المدرسة، فمن الأرجح أنَّ هناك مُشكلة في العلاقة مع أبويه أو مع واحد منهما. وإذا كان الطفلُ لا ينتبه في المدرسة، لكنَّه ينتبه في أماكن أخرى، فمن المرجَّح أن تكونَ المشكلةُ كامنة في وضع المدرسة نفسها أو في وضع الطفل في المدرسة. إذا كان سُلوكُ الطفل لا يُسبِّب ضَرراً كبيراً أو إساءَة، فمن المُستَبعَد أن يُشَخِّصَ الطبيبُ إصابتَه باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط.على سبيل المثال، إذا كان الطفلُ مُفرطَ النشاط كثير النسيان، لكنَّه يُفلِح في التعلُّم والنجاح في مدرسته، فقد يرى الطبيب أنَّه غير مُصاب باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. لابدَّ من وجود ضرر واقعٍ على التعلُّم أو العلاقات حتى يشكَّ الطبيبُ في وجود اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. هناك اضطراباتٌ سُلوكية كثيرة لها علامات تُشبه علامات اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. ومن هذه الاضطرابات: الاضطراب الاكتِئابي، والاضطراب ثُنائي القُطب، واضطراب القلق. يحتاج الطبيبُ إلى بعض الوقت لمراقبة الطفل حتَّى يقرِّر ما إذا كان مُصاباً باضطراب في المزاج فقط، أو أنَّه مُصاب باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط إلى جانب اضطراب المزاجيعاني الكثير من الأشخاص المصابين باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط ً باضطرابات سلوكية أخرى أيضاً. من الممكن أن يكونَ تشخيصُ إصابة الطفل باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط أمراً صعباً إذا كان لديه نمطٌ محدَّد من هذا الاضطراب، وذلك من قبيل وجود حالة من نقص الانتباه من غير وجود فَرط النشاط. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يبدو الطفلُ حَسَن السُّلوك، لكنَّه يُعاني من صعوبة حقيقية في تركيز انتباهه ويكون ذِهنه مُشتَّتاً معظمَ الأحيان. إن كان الطفلُ يعاني من مشكلاتٍ في المدرسة أو البيت، واستمرَّ هذا الوضع فترةً طويلة، فعلى الأهل أن يسألوا طبيبَه عن اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. كن صادقاً وشاملاً في عرض حالة سلوك الطفل إلى أقصى حدٍّ ممكن، حتى يتلقى الطفل المعاجة الممكنة إذا كان مُصاباً باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. قد يطلب الطبيبُ التحدُّثَ مع أفراد أسرة الطفل ومع معلِّميه وغيرهم ممَّن لهم علاقة بحياته. وهذا ما يُتيح للطبيب فهماً أفضل لسلوك الطفل. يتطلَّب تشخيصُ إصابة الشخص البالغ باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط أن يكونَ ظهورُ الأعراض قد بدأ منذ الطفولة. أمَّا إذا لم يبدأ ظهورُ الأعراض إلاَّ عندَ البلوغ، فإنَّ المشكلةَ ليست اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط، بل هي شيء آخر. حتى يتمكن الطبيب من تشخيص الباغ بإضطراب نقص الإنتباه مع فرط النشاط مع غياب التشخيص لديه عند الطفولة، فإنه يجب عليه أن يلجأ إلى سجلات المدرسة أو الأداء المدرسي أو جمع معلومات من أفراد الأسرة فيما يخص سلوكيات الشخص عند الطفولة.
المعالجة
لا سبيلَ إلى شفاء اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط، لكنَّ تدبيرَ الحالة بنجاح أمرٌ ممكن. وفي معظم الحالات، يُعالَج هذا الاضطرابُ بمزيج من الأدوية والمعالجة السلوكية. من الممكن أن تتضمَّن جُرعةُ المعالجة المعتادة أدويةً مثل الميثيلفينيدات أو الديكستروأمفيتامين. وهذه أدويةٌ مُنبِّهة تقلِّل الاندفاع الزائد والنشاط المُفرِط وتزيد الانتباه.
قد لا تنجح أدويةُ اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط الشائعة لدى جميع الأشخاص. وقد تظهر لدى البعض آثارٌ جانبية، من قبيل مشكلات النوم وفقدان الشهيَّة وآلام المَعِدة. ويكون على الطبيب أن يراقبَ حالةَ المريض ويقوم بتعديل المعالجة وتصحيحها من وقتٍ لآخر. على الأهل أن يتابعوا وضعَ طفلهم مع الطبيب حتَّى يناقشوا معه مدى استجابة الطفل للمعالجة. وسيقوم الطبيبُ بإجراء التعديلات اللازمة على الجرعات العلاجية، وقد يعمد إلى تغيير الدواء أيضاً. ومن الممكن أن ينصحَ الطبيبُ أحياناً بأدوية غير مُنبِّهة أو بأدوية مُضادَّة للاكتئاب. يتَّفق معظمُ الاختصاصيين على أنَّ معالجةَ اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط لا يجوز أن تقتصِرَ على الأدوية وحدها. ولابدَّ أن تتضمَّن المعالجةُ استخدامَ المعالجة السلوكيَّة أيضاً. في المعالجة السُّلوكية، يعمل المُعالجُ بالتعاون مع الأبوين لتطوير أساليب مناسبة لإحلال السلوكيات المرغوبة محلَّ السلوكيات غير المرغوبة. ويجري هذا عبرَ استخدام منظومة من المكافآت والتأديب. وتكون المكافآتُ أفضلَ أثراً من التأديب من حيث قدرتُها على تغيير السلوكيات المَعيبة. وهذا مثال على المكافآت: يجد طفلٌ من الأطفال صعوبة في البقاء جالساً. تقوم خطةُ المكافأة على أن ينالَ هذا الطفل نجمة ذهبية واحدة لكل خمس عشرة دقيقة من الجلوس. يبلغ الطفلُ هذا الهدفَ أربع مرَّات، فيتلقَّى أربعَ نجمات. ويمكنه فيما بعد أن يحصلَ على مكافأة بدلاً من نجماته الأربع. وهذا مثالٌ علىالتأديب: يفشل الطفلُ في البقاء جالساً طوالَ المدة المطلوبة أكثر من مرتين. تنص الخطَّةُ السلوكية على أن يفقدَ خمس دقائق من استراحته المدرسية كلما فشل مرَّةً واحدة. لقد خسر الطفلُ مرَّتين، ممَّا يعني أنه سيفقد عشر دقائق من الاستراحة. تتطلَّب المعالجةُ السلوكية مشاركةً كبيرة من جانب الأبوين. كما يجب أيضاً أن يشارك فيها المعلِّمون وغيرهم ممَّن يعملون مع الطفل. يجري تصميمُ خطَّة المعالجة السلوكية بشكل خاص بكلِّ طفل، بحيث تأخذ في اعتبارها مشكلته السلوكية المحدَّدة وشروط البيئة المحيطة به في البيت والمدرسة.
الخلاصة
يُعدُّ اضطرابُ نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط اضطراباً سلوكياً شائعاً، حيث يُبدي الشخصُ علامات على عدم الانتباه الشديد وعلى فرط النشاط وشدَّة الاندفاع. يكاد كلُّ إنسان تقريباً أن يمرَّ أحياناً ببعض السلوكيات المرتبطة باضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط، لكنَّ الأشخاصَ المُصابين بهذا الاضطراب يُعانون من هذه الأعراض لأكثر من ستَّة أشهر وتحدث لهم بسببها مشاكلُ في المدرسة أو البيت أو العلاقات مع الناس. لا يعرف أحدٌ على وجه التحديد ما هو سبب اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط. لكنَّ ظهورَه يتكرَّر في الأسرة الواحدة، ممَّا يعني أنَّ الوراثة قد تكون من بين أسبابه. ويعدُّ إجراءُ تقييم شامل من قبل شخص اختصاصي الطريقةَ الوحيدةَ للتأكُّد من أنَّ الطفل مُصاب بهذا الاضطراب. تشمل معالجةُ اضطراب نَقص الانتباه مع فَرط النَّشَاط غالباً تناولَ الأدوية للسيطرة على الأعراض. كما أنَّ الانضباط في المدرسة والبيت أمر مهم أيضاً. ومن الممكن أن تكونَ الدورات التدريبية المصمَّمة من أجل الوالدين أمراً مفيداً، إلى جانب المعالجة السُّلوكيَّة
0 التعليقات:
إرسال تعليق