الهَذَيانُ حالةٌ طبيَّة تُسبِّب حالةً عَقليَّة مُشَوَّشة (تَخليط) وتغيُّراتٍ في السُّلوك. إضافة إلى فُقدان الوَعي أحياناً، يُمكن أن يُسبِّبَ الهَذَيانُ مُشكلاتٍ فيما يخص: • الانتباه والوَعي. • التفكير والذَّاكِرة. • الانفعالات. • التحكُّم في العَضلات. • النوم واليقَظة. وقد يحدث الهَذَيانُ بسبب الأدوية أو بسبب التسمُّم أو نتيجة مرض خطير أو عدوى خطيرة. ومن الممكن أن يكونَ ناجماً عن الألم الشديد أيضاً. وقد يكون أحياناً جزءاً من اضطراب عقلي، كالخَرَف مثلاً. إن للخَرَف والهَذَيان أعراضاً متماثلة، ممَّا يجعل التَّمييزَ بينهما أمراً صعباً. ومن المُمكن أن يحدُثاً معاً أيضاً. الهَذَيانُ الارتعاشي نوعٌ من أنواع الهَذَيان يرافق "مُتلازِمةَ الامتناع عن الكُحول". وهو يُصيب الأشخاصَ الذين يمتنعون عن الكُحول بعدَ سنواتٍ من مُعاقَرَته عادة. غالباً ما يشفى المُصابون بالهَذَيان شفاءً تاماً بعدَ أن يُعالَجوا من المَرَض الذي كان سبباً له. لكنَّ هذا الشِّفاءَ من الهَذَيان لا يحدث
دائماً.
مقدِّمة
الهَذَيانُ عَرَضٌ مُرَكَّبٌ يُصاب فيه المريضُ بالتَّخليط، وتبدو عليه تغيُّراتٌ واضحة في السُّلوكُ والحالة العقلية. تتضمَّن علاماتُ الهَذَيان مشكلاتٍ في الانتباه والوعي والانفعالات والتحكُّم في العَضلات. وهناك حالاتٌ طبِّية كثيرة يُمكن أن تُسبِّبَ الهَذَيان. غالباً ما يُشفى المُصابون بالهَذَيان شفاءً تاماً بعد أن يُعالَجوا من المَرَض الذي كان سبباً له. لكنَّ الشِّفاء لا يحدث دائماً. يتناول هذا البرنامجُ التالاعشثقيفي الهَذَيانَ، ويناقش كيفيةَ تشخيصه ومعالجته. كما يتضمَّن معلومات عن كيفية الوِقاية منه أيضاً.
الهَذَيان
الهَذَيانُ عَرَضٌ مُرَكَّبٌ ينجُم عادةً عن حالةٍ طبيَّة. ومن علامات الهَذَيان ظهورُ مشكلات في:
الانتباه والوَعي.
التفكير والذَّاكِرة.
الانفعالات.
التحكُّم في العَضلات.
النوم واليقَظة.
يجري التعاملُ مع علامات الهَذَيان وتدبيرها من خلال معالجة الأسباب الكامنة خلفَ الحالة الطبِّية التي تُسبِّب الهَذَيان. يظهرالهَذَيان سريعاً خلال ساعات معدودة أو خلال أيَّام قليلة عادةً. كما يكون الهَذَيان مؤقَّتاً وقابلاً للشفاء عادةً. لكنَّه يظل حالةً خطيرة لابدَّ من تشخيصها ومُعالجتها على الفَور.
العلامات
تظهر علاماتُ الهَذَيان وتختفي خلالَ اليوم عادةً. وتمرُّ فتراتٌ لا تظهر فيها على المريض أيَّةُ علامة على الهَذَيان. إنَّ علامات الهَذَيان سريعةُ الظهور. وقد تتطوَّر خلال ساعات أو أيَّام قليلة. من علامات الهَذَيان الرئيسية تراجعُ القدرة على فَهم وإدراك الأوضاع والبيئة المحيطة. وقد يعاني المريضُ المُصاب بالهَذَيان من:
صعوبة المحافظة على التركيز ضمن موضوع ما.
البقاء عالقاً عندَ فكرة معيَّنة بدلاً من الاستجابة للحديث أو الأسئلة.
سهولة تشتُّت الانتباه بفعل أشياء لا أهمِّيةَ لها.
من علاماتِ الهَذَيان الأخرى تراجُعُ مهارات التفكير عندَ المريض. وقد ينجم عن هذا:
ضعف ذاكرة.
عدم إدراك المريض مكان وجودِه، وعدم إدراكه من هو، وعدم تمييز الوقت أيضاً.
صعوبات في الكلام وفي فَهم اللغة.
الثَّرثَرة على غير هُدى، أو الكلام الذي لا معنى له.
صعوبات في القراءة أو الكتابة.
ومن علامات الهَذَيان الشائعة أيضاً:
شدَّةُ الغضب أو القلق أو الخوف أو الإكتئاب، وغير ذلك من الانفعالات.
الهَلوَسة أو رؤية أشياء غير موجودة.
سُرعة الانزعاج والغَضَب أو الميل إلى العِراك.
قِلَّة النشاط أو انعدامه.
قلَّة أوإنعدام الاستجابة لما يُحيط بالمريض.
النوم المُضطَّرِب.
هناك أمراضٌ وحالات صحيَّة أخرى يُمكن أن تُسبِّبَ أعراضاً تماثِل العلامات المرتبطة بالهَذَيان. وقد يكون التمييزُ بين الهَذَيان وهذه الحالات أمراً صعباً. قد يجري الخَلطُ بين الخَرَف والهَذَيان. الخَرَفُ هو الفقدان المتزايد للقدرات الفِكريَّة والذاكرة. وهو يُنتِج علامات تُشبه علامات الهَذَيان. لكنَّ الهَذَيان غالباً ما يكون مُفاجِئاً ومُؤقَّتاً، بينما يكون الخَرَف مُتَزايداً ودائماً. إذا ظهرت علاماتُ الهَذَيان على شخص تربطك معه صِلة وثيقة، فعليك أن تستشيرَ طبيباً، فقد لا يكون المريضُ قادراً على التماس المَعونة الطبِّية بنفسه.
الأسباب
يحدث الهَذَيانُ عندما لا يعود الدِّماغُ قادراً على العمل السليم. وقد يكون هذا بسبب العدوى أو السُّموم أو الألم الشديد أو سوء استخدام المواد.
عواملُ الخطورة
يعرف الأطبَّاء عواملَ يُمكن أن تزيدَ من احتمال الإصابة بالهَذَيان. وتُعرَف هذه العواملُ باسم "عوامِل الخُطورة". يكون الأشخاصُ المُتقدِّمون في السنِّ، ممَّن يُقيمون في المستشفيات أو في دور الرعاية الصحيَّة طويلة المدى، معَرَّضين أكثر من غيرهم للإصابة بالهَذَيان. سوءُ التغذية عاملٌ آخر من عوامل الخطورة الخاصة بالهَذَيان. كما أنَّ احتمالَ إصابة الشخص بالهَذَيان يزداد إذا كان قد تعرَّض للجفاف. كما يزداد احتمالُ تعرُّض المُصابين بأمراض تستمر زمناً طويلاً أو بأمراضٍ شَديدة، وكذلك من يُصابون بأمراض مُميتة، للإصابة بالهَذَيان أيضاً. إنَّ فَيروسَ العَوَزِ المَناعِيِّ البَشَرِيِّ ومُتَلازِمَة العَوَزِ المَناعِيِّ المُكتَسَب (أو الإيدز) مثالان على هذه الاأمراض. ومن عوامل الخُطورة الأخرى:
التقدُّم في السن.
اعتلال السَّمع أو البَصَر.
المعالجات التي تشتمل على أدوية متعدِّدة.
تَعاطي المُخَدِّرات أو مُعاقَرة الكُحول.
وهناك أيضاً عواملُ تُؤدِّي إلى ظهور حالة الهَذَيان لدى الأشخاص الذين تكون عواملُ الخطورة متوفِّرةً لديهم. ومن هذه العوامل:
تناول أدوية معيَّنة.
الإفراط في تناول الكُحول أو المُخدِّرات.
التوقُف عن تناول الكحول أو المخدِّرات.
الشِّدَّة الانفعالية.
ومن العوامل الأخرى التي تُؤدي إلى ظهور حالة الهَذَيان لدى الأشخاص الذين تكون عوامل الخطورة متوفِّرة لديهم:
الجراحةُ والرِّعاية المُركَّزة.
الأمراضُ المُفاجئة أو الشديدة.
العدوى.
التّشخيص
إن كان لديك صديقٌ أو قريب تظهر عليه علاماتُ الهَذَيان، فعليك أن تساعدَه. ولن يكون الشخصُ الذي ترعاه قادراً على ترتيب مواعيده مع الأطبَّاء، ولا على تقديم المعلومات إليهم بسبب اضطراب مهارات التفكير لديه. حتَّى تساعدَ الطبيبَ في التَّوَصُل إلى التشخيص، عليك أن تدَوِّن قائمةً بأسماء الأدوية التي يتناولها المريض. ويجب أن تشملَ القائمةُ الأدويةَ التي يتناولها المريضُ بموجب وصفة طبِّية والأدوية التي تُباع من غير وَصفة طبِّية، إضافةً إلى المُتمِّمات الغِذائية. عليك تزويد الطبيب أيضاً باسم ورقم هاتف أيِّ طبيب آخر يُقدِّم الرعايةَ للمريض. ومن المهمِّ أيضاً تسجيلُ المعلومات الخاصَّة بأيَّة أعراض تظهر على الشخص الذي ترعاه. سوف يسأل الطبيبُ عن تاريخ بدء ظهور الأعراض، وسيطلب وصفاً لها ومعلوماتٍ عن أيِّ تغيُّر في السُّلوك. يُشَخِّص الطبيبُ الهَذَيانَ استناداً إلى الإجابات التي تُقدمها أنت فيما يخصُّ التاريخَ الطبِّي للمريض. وسوف يطلب الطبيبُ أيضاً إجراءَ بعض الفُحوص لتقييم الحالة العقلية للمريض، وتحديد العوامل المُحتملة التي ساهمت في ظهور الهَذَيان. يبدأ الطبيبُ عمليةَ التشخيص من خلال تقييم وعي المريض وانتباهه وتفكيره. وسوف يطرح الطبيبُ أسئلةً، وقد يُجري فحوصاً طبِّية لتقييم حالة الإدراك والذاكرة والحالة العقلية والتَّخليط. وبعدَ ذلك، يُجري الطبيبُ فحصاً جَسَديَّاً بحثاً عن علامات تدلُّ على مشكلات أو أمراض أخرى من قبيل:
الجفاف.
العدوى.
الامتناع عن الكحول.
يُمكن أن يكونَ الهَذَيانُ العلامةَ الأولى أو الوحيدة على وجود مَرَض خطير، كالسَّكتة مثلاً. من الممكن أيضاً أن يكونَ الفحصُ العَصَبي مفيداً لتقرير ما إذا كانت السَّكتةُ أو أيُّ مرض دِماغي آخر هما السبب وراء الهَذَيان. ويشمل هذا فحص:
البَصَر.
التوازُن.
التَّناسق.
المُنعَكَسات.
في حال عدم العُثور على أيِّ سبب للهَذَيان، يُمكن إجراء فحوص أخرى، كاختبارات الدم والبول مثلاً. وكثيراً ما يوصي الطبيبُ إجراءَ تصوير للدماغ.
المُعالجة
من أجل التمكُّن من تدبير حالة الإصابة بالهَذَيان، يتعيَّن على الطبيب تحديد الأسباب الكامنة وراءَه؛ فعلى سبيل المثال، يُمكن أن يُؤدِّي التوقُّفُ عن استخدام دواء ما إلى اختفاء أعراض الهَذَيان. قد يحتاج الشخص المُصاب بالهَذَيان إلى زمن طويل للشفاء. ومن الممكن أن يكونَ ذلك في البيت أو في أحد مرافق الرعاية. لا يدوم الهَذَيانُ إلاَّ ساعاتٍ معدودةً في بعض الأحيان. لكن من الممكن أيضاً أن يستمرَّ أسابيعَ أو شهوراً كثيرة. وتتناقص المدَّةُ اللازمة للشفاء عندَ معالجة مختلف العوامل التي تسبب الهَذَيان عادةً. بعدَ التخلُّص من السبب الكامن وراء الهَذَيان، تبدأ المعالجةُ للتركيز على خلق بيئة تسمح لجسم المريض بالشفاء، وتسمح لعقله بالاسترخاء والراحة. وهذا ما يُدعى باسم الرعاية الداعِمة. تشمل الرعايةُ الداعمة مساعدةَ المريض على الإحساس بالراحة الجسدية من خلال:
المحافظة على تغذية المريض والحيلولة دون الإصابة بالجفاف.
حماية السُّبُل التنفُّسية لضمان التنفُّس السليم.
المساعدة على الحركة لتحاشي وقوع الحوادث.
معالجة الألم بالأدوية التي يصفها الطبيبُ للمريض.
كما تتضمَّن الرعايةُ الداعمة أيضاً أشياء تهدف إلى المحافظة على الحالة العقلية السليمة للمريض. وقد يكون ذلك من خلال:
إحاطة المريض بأشياء مألوفة من منزله.
فتح النوافذ أمام ضوء النهار للتشجيع على دورة نوم واستيقاظ طبيعية منتظمة.
تذكير المريض شفهياً بمكان وجوده وبما يحدث من حوله.
زيارات من قبل الأهل والأقارب.
تتضمَّن الرعايةُ الداعمة أيضاً أشياء تهدف إلى المحافظة على الحالة الانفعالية السليمة للمريض. وقد يكون ذلك من خلال:
تحاشي أي تغيير في الأشياء المحيطة وفي أفراد فريق الرعاية.
تحاشي أيَّة مُعيقاتجسدية أو أنابيب مَثانيَّة.
استخدام الموسيقى والتدليك وتقنيات الاسترخاء.
النهوض من السرير من أجل المشي واستخدام المِرحاض والاغتِسال.
يُمكن أيضاً استخدامُ الأدوية لتهدئة المريض. ولا يُستَخدم هذا النوعُ من المعالجة إلاَّ عندما يمرُّ المريضُ بحالات من الهياج أو التَّخليط الشديد. تُستَخدم مُضادَّاتُ الذُّهان عندَ الحاجة إلى المعالجة الدوائية عادةً. وقد تستطيع هذه الأدويةُ تخفيفَ التفكير المضطرب المُرافق للهَذَيان.
الخلاصة
الهَذَيانُ مجموعة من الأعراض المُرَكَّبَة الناجمة عن حالة صحِّية كامنة خلفها، أو عن سوء استخدام لبعض المواد. وعلاماتُه هي التراجُع المفاجئ في القدرات العقلية. يظهر الهَذَيانُ خلال يوم أو اثنين عادةً، ويكون مؤقَّتاً وقابلاً للشفاء غالباً. إن كان لديك صديقٌ أو قريب تظهر عليه علاماتُ الهَذَيان، فعليك أن تساعدَه. ولن يكون الشخصُ الذي ترعاه قادراً على ترتيب مواعيده مع الأطبَّاء، ولا على تقديم المعلومات المتعلقة بحالته الصحية إليهم، بسبب اضطراب مهارات التفكير لديه. يشفى المُصابون بالهَذَيان شفاءً تاماً بعد أن يُعالَجوا من المَرَض الذي كان سبباً له غالباً. لكنَّ هذا الشِّفاءَ من الهَذَيان لا يحدث دائماً
0 التعليقات:
إرسال تعليق