اضطراباتُ السمع
يشعر الإنسانُ بالإحباط والضيق عندما يصبح غيرَ قادر على السَّمع بشكل جيِّد، لأنَّ هذا لا يسمح له بالاستمتاع بالحديث مع الأصدقاء والعائلة. تؤدِّي اضطراباتُ السمع إلى جعلِ عملية السمع صعبةً بالنسبة للمريض،
رغم أنَّها لا تكون مستحيلة، حيث توجد طرق للمساعدة على تحسين الوضع. أمَّا الصَّمَمُ فهو انعدام القدرة على سماع الأصوات تماماً. ما أسبابُ نقص السمع؟ هناك بعض الاحتمالات الممكنة: • الصَّمم الوراثي. • الأمراض، مثل التهابات الأذن المكروبيَّة والتهاب السحايا. • الرُّضوض. • بعض الأدوية . • التعرُّض للضجيج المرتفع زمناً طويلاً. • التقدُّم في السنِّ. هناك نمطان رئيسيَّان لنقص السمع: يحدث الأوَّل عند إصابة الأذن الداخلية أو العصب السَّمعي؛ وفي هذه الحالة، يكون نقصُ السمع عادةً غيرَ قابل للشفاء. أمَّا النمطُ الثاني فيحدث عندما تعجز الأمواجُ الصوتية عن الوصول إلى الأذن الداخلية؛ وقد يحدث هذا بسبب تراكم مادَّة الصِّملاخ (الشمع) أو تجمُّع السوائل أو بسبب تَمزُّق طبلة الأذن. وقد تتفاقم مشكلاتُ السمع إذا لم يتم علاجُها. ومن الممكن أن يحصلَ المريضُ على مساعدة طبِّية لتحسين سمعه. ومن العلاجات المُمكنة استخدامُ أجهزة تقوية السمع والطعوم الحَلَزونيَّة أو القَوقَعيَّة والتدريب الخاص وتناول بعض الأدوية، وكذلك إجراء عملية جراحية.
مقدِّمة
تكثر مشاكلُ السمع عند كبار السنِّ؛ فهناك واحدٌ من كلِّ ثلاثة أشخاص ممن هم فوق سنِّ الخامسة والستين يعانون من نقص السمع. يمكن لمعظم الناس أن يجدوا حلاًّ لمشكلة نقص السمع لديهم باستخدام المُساعِدات السمعية أو أجهزة تقوية السَّمْع التي باتت أصغر حجماً وأفضل أداءً بفضل التقدُّم التكنولوجي. يساعدك هذا البرنامجُ التثقيفي على فهم نقص السمع بصورة أفضل.
التشريحُ والسمع
الأذنان عضوان رفيعا التخصُّص، يمنحان الإنسانَ القدرةَ على السمع والتوازن. تتألَّف كلُّ أذن من ثلاثة أقسام:
الأُذُن الخارجية، وتضمُّ الصيوان ومجرى السمع الذي هو قناة تنتهي بغشاء الطبل.
الأُذُن الوسطى، وتتشكَّل من ثلاثة عظام صغيرة تعرف باسم العُظَيْمات السمعيَّة.
الأذن الداخلية.
يتألَّف الصيوانُ من غضروف يغطِّيه الجلد. وعلى عكس العظم، يمكن أن يتواصلَ نموُّ الغضروف مدى الحياة، وهذا ما يفسِّر أنَّ الأذن عند كبار السنِّ تكون أكبر منها عند صغار السنِّ عادة. يعمل الصيوانُ عملَ الطبق اللاقط، حيث يقوم بتجميع الموجات الصوتيَّة التي هي اهتزازات في الهواء. تدخل الموجاتُ الصوتية عبر مجرى السمع، وتصل إلى غشاء الطبل فيهتزُّ الغشاء، وينتقل الاهتزازُ إلى العُظيمات السمعية الثلاث في الأذن الوسطى، والتي تنقل الاهتزازَ بدورها إلى الأذن الداخلية. ثم تصل الاهتزازاتُ المرسَلة إلى عضو خاص في الأذن الداخلية يُعْرَف باسم "الحلزون" أو القَوْقَعَة التي لها شكل الحلزون، وتتحوَّل الاهتزازات داخلها إلى إشارات كهربائيَّة. يقوم عصبٌ اسمه العصبُ الثامن بنقل الإشارات الكهربائية إلى الدماغ، حيث يتم فهمُ الأصوات. هناك جزءٌ آخر من الأذن الداخلية مَسْؤول عن التوازن، حيث يحمل العصبُ الثامن إلى الدماغ أيضاً معلوماتٍ مسؤولة عن التوازن، ولهذا السبب تتلازم في كثير من الحالات مشاكلُ نقص السمع مع مشاكل التوازن. يساعد وجودُ أذنين عند المرء على معرفة مصدر الصوت، ذلك أنَّ الموجات الصوتية تصل إلى الأذن الأقرب قبل وصولها إلى الأذن الأخرى. ويستطيع الدماغُ تحديدَ مصدر الصوت، حتَّى إذا كان الفارق أقلَّ من ثانية واحدة.
الأسباب
يمكن أن ينجمَ نقصُ السمع عن أسباب عدَّة، منها ما هو خِلْقي، أي يولد الإنسان وهو يعاني من هذه المشكلة، ومنها ما يتعلَّق بمشاكل مثل الأورام والعدوى وإصابات الدماغ والشيخوخة. تكون بعضُ حالات نقص السمع وراثية، وتنتقل ضمن العائلات. تسبِّب الأورامُ التي تصيب العصبَ الثامن نقصاً في السمع؛ وأكثرُ الأورام التي تصيب هذا العصب شيوعاً هو ورم العصب السمعي. يمكن أن تصبحَ العُظيماتُ السمعية مُتصلِّبة، فتعجز عن نقل الاهتزازات بشكل سليم؛ وهذا ما يُعرف باسم تَصَلُّب الأذن، وهو يسبِّب نقصاً في السمع. يمكن أن يسدَّ الصملاخُ مجرى السمع أحياناً، ويسبِّب عدوى؛ والعدوى أو انسداد مجرى السمع بدورهما قد يسبِّبان نقص السمع في الأذن المصابة. ويمكن للعدوى المتكرِّرة في الأذن الوسطى أن تؤدِّي إلى تلف في العُظيمات، مما قد يسبِّب نقص السمع أو الصمم. وهناك سببٌ آخر لنقص السمع هو التعرُّض المتكرِّر للضجيج العالي، مثل الموسيقى الصاخبة وأصوات المحرِّكات والآلات ... إلخ. وهناك أدوية يمكن أن تؤذي السمعَ بصورة غير قابلة للشفاء أحياناً. لذلك، عليك أن تخبرَ الطبيبَ إذا كنت تتناول أيَّ دواء. في بعض الحالات، يتمزَّق غشاءُ الطبل. ولا يستطيع غشاءُ الطبل المتمزِّق أن ينقلَ الاهتزازات بشكلٍ صحيح إلى الأذن الداخلية مثلما ينقلها حينما يكون سليماً، وهذا ما يسبِّب نقصَ السمع في الأذن المصابة. وهناك حالاتٌ من نقص السَّمْع أو الصمم ناجمةٌ عن إصابات في الدماغ؛ فحين تُصاب المنطقةُ من الدماغ التي تفهم الكلام أو الأصوات، فإنَّ المريضَ يمكن أن يشكو من نقص في السمع أو من صمم. تعدُّ الشيخوخةُ السببَ الأكثر شيوعاً لنقص السمع أو للصمم؛ وهذا ما يُسمَّى نقص السمع الشَّيخوخي؛ وهو يبدأ مع سنِّ الرشد، ويصبح ملحوظاً أكثر بعد سنِّ الخمسين. ويُصابُ الرجالُ بهذه الحالة أكثر من النساء.
الأعراض
يتجلَّى العرضُ الأبرز لنقص السمع في عجز المريض عن سماع ما يُقال له. ويمكن أن تصبحَ الأصواتُ مكتومة وخافتة، بحيث لا يستطيع المريضُ أن يسمعَ الفرق بين الأصوات. أوَّل ما يُلاحَظ نقصُ السمع في الأوساط الصاخبة، وحين لا يستطيع المريضُ أن يرى شفاه المتحدِّث الذي يصغي إليه. لذلك، فإنَّ معظمَ المرضى يُلاحظون نقصَ السمع لديهم عندَ الحديث على الهاتف في البداية. يمكن أن يشعرَ المريضُ بألم في الأذن إذا كان السببُ هو العدوى المتكرِّرة في الأذن أو انثقاب غشاء الطبل. في حالات العدوى، يمكن أن يُرى القيحُ والدم وهما يخرجان عبر مجرى السمع. قد تكون الدوخةُ عرضاً مرافقاً لنقص السمع، ولا سيَّما في حالات داء مِنْيير؛ وداءُ منيير هو مرضٌ يصيب الأذنَ الداخلية ويسبِّب أعراضاً مختلفة، مثل الدوخة الشديدة والطنين الشَّديد في الأذن ونقص السمع المتذبذب والشعور بضغط أو ألم في الأذن. يمكن أن يسمعَ مرضى نقص السمع صوتَ أزيز أو دَنين متواصل في الأذن، ولا سيَّما مرضى ورم العصب السمعي؛ ويسمى هذا الأزيز بالطنين.
التشخيص
يبدأ تشخيصُ نقص السمع ومعرفة سببه بأخذ تاريخ مرضي مفصل وإجراء الفحص الإكلينيكي. ويتضمَّن الفحصُ تنظيرَ الأذن باستخدام منظار الأذن أو حتَّى باستخدام مجهر متخصِّص. تحدِّد الاختباراتُ السمعية مدى أو مقدار نقص السمع عادة. يتمُّ إجراءُ التصوير الطبقي المحوري والرَّنين المغناطيسي للأذنين والدماغ لاستبعاد إمكانية وجود الكسور والأورام.
المعالجة
تعتمد معالجةُ نقص السمع على معرفة السبب. ويمكن معالجةُ العدوى بالمضادَّات الحيوية. يمكن أن تجري معالجةُ انثقاب غشاء الطبل وتَصَلُّب العُظيْمات السمعيَّة عن طريق الجراحة. يمكن إزالةُ السدادة التي تغلق مجرى السمع، ويجري هذا باستخدام مسبار خاص صغير ومنظار أذن أو مجهر. قد تُستخدَم المُساعِداتُ السمعية أو أجهزة تقوية السَّمْع لزيادة شدَّة الصوت والحدِّ من الضجيج المحيط. وهناك مُساعداتٌ سمعية توضَع داخل مجرى السمع الخارجي، ولا تظهر للعيان. قد تساعد المساعدات السمعية المزروعة أو الطعوم القوقعية عندما لا تفيد المساعدات السمعية الخارجية. تنقل المساعدات السمعية المزروعة والطعوم القوقعية الموجات الصوتية مباشرة الى العصب الثامن أو حتى الى جذع الدماغ. تكون الجراحة ضرورية في هذه الحالة.
ملاحظاتٌ عن نقص السمع
يستطيع معظمُ المرضى الذين فقدوا السمعَ بعد تعلُّمهم الكلام قراءةَ الشفاه، ويبقون قادرين على الكلام. قد يرغب مرضى نقص السمع بأن يخبروا محدِّثيهم بشأن مشاكل السمع التي يعانون منها، فقد يطلبون منهم أن يتحدَّثوا ببطء ووضوح. وهاتان الطَّريقتان تساعدان المرضى على قراءة الشفاه والفهم. يمكن أن يفيدَ مريضَ نقص السمع أن يبقى بعيداً عن أماكن الضجيج، وأن ينظر إلى شفاه محدِّثه. تساعد خاصية تحوِّيل الكلام المنطوق إلى كلام مقروء في التلفزيون والأفلام، مريضَ نقص السمع على التمتُّع بالمشاهدة. هناك خدماتٌ تساعد مرضى نقص السمع على التحدُّث عبر الهاتف؛ حيث توجد سمَّاعات لتضخيم الصوت، وهناك في بعض الأماكن خدماتٌ تحوِّل الكلام المنطوق إلى كلام مقروء. أمَّا بالنسبة للمرضى الذين يعانون من نقص سمع شديد، فإنَّ تعلُّمَ لغة الإشارات يمكن أن يكونَ أمراً مفيداً وجديراً بالاهتمام. يُنصَح المرضى الذين سيخضعون لجراحة انتقائية، يمكن أن تسبِّب لهم الصممَ، بأن يتعلَّموا لغةَ الإشارات قبل أن يصلوا إلى مرحلة فقدان السمع.
الخلاصة
يعدُّ نقصُ السمع حالةً واسعة الانتشار، ولا سيَّما بعد عمر الخمسين. هناك مُساعِدات سمعية وتقنيات سمعية خاصَّة يمكن أن تساعد المرضى على تجاوز مشكلتهم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق